المجتمع الإسلامي والتعامل الدولي في ضوء نظریة المعرفة والإدراکات الاعتباریة في الفلسفة الإسلامیة

ان کانت الحیاة الاجتماعیة، المجال الأکثر عمومیة في حیاة الإنسان وهواجسه واهتماماته، فإنّ «حیثیات تکوین الشأن الاجتماعي»، و« آلیات نشوء المجتمعات، والنشاط الاجتماعي وتطوره» لطالما کانت تشکّل أکبر تحدٍ أمام التنظیر في فلسفة العلوم الاجتماعیة. وعلیه، فإن هذه الدراسة تسعی لتسلیط الضوء علی هذا الموضوع المتعدد الاختصاصات وتمرکزاته من منظور إحدی أکثر النظریات إبداعاً، وأشدّها نزوعاً فلسفیاً واجتماعیاً في التراث العقل الإسلامي. وقد اعتمد الکاتب علی المنهج الوصفي، التحلیلي، الاجتهادي ضمن إطار هذه النظریة، بغیة التوسّع في دلالات «الاعتباریات» بوصفها نظریة مُلهمة، والتوسّع في النشاط البشري وساحته الشعوریة. یری الکاتب أن هذه النظریة من شأنها أن تستوعب هذه المجالات وتُحدث تغییرات جذریة علی أسس الدراسات والقراءات السائدة علی ساحة الأنثربولوجیا والسوسیولوجیا، وتتضمّن بین طیاتها مخرجات مهمة في النماذج العلمیة في العلوم الإنسانیة. یسعی الکاتب من خلال النظر إلی الموضوع من زاویة «فهم مراحل نشوء المجتمعات علی ضوء نظریة الاعتباریات»، لتبیین آلیات نشوء المجتمعات، لکي یعرف في الخطوة التالیة ومن خلال «مبدأ الاستخدام»، موقف هذه النظریة تجاه المجتمعات الإیمانیة ومواقفها تجاه القضایا الهامة المتعلقة بالعلاقات الفردیة والدولیة. وفي السیاق نفسه ومن خلال التطرّق إلی الموقف المنفعل، واستیلاء حالة الجمود والخمول علی المجتمعات الدینیة والإسلامیة تجاه التیارات الفکریة السائدة في العالم، یسعی انطلاقاً من نظریة الاعتباریات، أن یثبت أنّ هویة المجتمعات الدینیة لیست هویة ثابتة ومستقلة بذاتها، وإنما هي هویة تنزیلیة واعتباریة. ولهذا، لا تتحوّل العلاقات الاجتماعیة في المجتمعات الإسلامیة وعلاقاتها الدولیة، إلی منظومة مؤثرة في حیاة الإنسان، إلا أذا تمکّنت هذه المجتمعات من خلق اعتبارات متقدمة ومتطوّرة مبنیّة علی أسس العقلانیة الاجتماعیة.